ما فوائد أكل زيت الزيتون والادهان به
مقدمة:
قال العلماء لله أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته ولا يقسم إلا بعظيم، وقد أقسم الله تعالى بأشياء كثيرة، ومنها الزيتون، فقال تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾[التين:1], والمؤمن بطبيعة الحال يستجيب لأوامر الله ورسولهr طواعية ودون إكراه، ولعلها الصفة التي بها يكون مؤمناً؛ لقوله تعالى: ﴿إِنمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[النور: 51]، وهذه صفة المؤمنين عامة دون استثناء، لأنهم علموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يوحى إليه من ربه الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، ولذا كان استسلامهم لأوامره وتسليمهم له نابعاً من هذا المعنى، فلا يمكن أن يكون المرء مطيعاً ويستحق الثواب الجزيل وهو لا يطيع سيده؛ بل ويتمرد عليه ويعصيه، لأنه القائل: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ﴾[النجم: 32], قال البيضاوي: أعلم بأحوالكم منكم(1)، أي صانع الصنعة أعلم بها من كل أحد، ومن هنا كانت طاعة المؤمن لربه توحي له بأن الله الخالق الذي بيده كل شيء، هو لا شك أعلم بما ينفعنا في الدنيا والآخرة، فلا شيء له نفع إلا ودلنا عليه، ولا ضار إلا وحذرنا منه ونهاها عنه، ومن هنا كان المؤمنون ومازالوا يُقدِمون على تناول بعض المواد التي ورد فيها نص شرعي -يأمر بتناوله- حرصاً منهم على إتيان الأوامر، وبالمقابل فهم يجتنبون ما نهى عنه الشرع طاعة وامتثالاً، وفي هذا الموضوع كان الزيتون محور الحديث، لنعرف ما الذي ذكره الشرع فيه وما علاقته من الناحية الصحية من حيث الربط بين النص الوارد في الحديث وبين حقيقة ما توصل إليه العلم التجريبي اليوم, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة »(2)
الزيتون صبغ للآكلين:
يقول الله تعالى: ﴿اللهُ نُورُ السمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزجَاجَةُ كَأَنهَا كَوْكَبٌ دُري يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيةٍ وَلَا غَرْبِيةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلناسِ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النور : 35]، وقال الله تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدهْنِ وَصِبْغٍ للآكِلِينَ﴾ [المؤمنون : 20].
يقول ابن منظور: الصبْغُ والصباغُ ما يُصْطَبَغُ به من الإِدامِ، وصِبْغٍ للآكِلِين يعني دُهْنَه, وقال الفراء: الآكلونَ يَصْطَبِغُون بالزيت فجعل الصبْغَ الزيت نفسَه, وقال الزجاج: أَراد بالصبْغ الزيتونَ، وقال الأَزهري: وهذا أَجود القولين لأَنه قد ذكر الدهن قبله، وقوله تَنْبُتُ بالدهْن أَي تنبت وفيها دُهْن ومعها دُهْن كقولك جاءني زيد بالسيف أَي جاءني ومعه السيف وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً دَهَنها وغمَسها وكل ما غُمِسَ فقد صُبِغَ والجمع صِباغ(3)، وقد مر معنا الحديث: «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة », وفي هذا الحديث أمران:
الأول: الأمر بأكل الزيت، وكذلك الزيتون لأنه أصل له.
والثاني: الأمر بالادهان به، والادهان لا شك يكون بالزيت.
قال القرطبي في قوله تعالى: ﴿وصبغ للآكلين﴾ يقال: صبغ وصباغ مثل دبغ ودباغ ولبس ولباس, وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ، وأصل الصبغ ما يلون به الثوب, وشبه الإدام به لأن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه، وقال مقاتل: الأدم الزيتون والدهن الزيت, وقد جعل الله تعالى في هذه الشجرة أدماً ودهناً فالصبغ على هذا الزيتون(4)، وقال البغوي: هي كثيرة البركة وفيها منافع كثيرة لأن الزيت يسرج به وهو أضوأ وأصفى، وهو إدام وفاكهة ولا يحتاج في استخراجه إلى إعصار بل كل أحد يستخرجه، وهي شجرة تورق من أعلاها إلى أسفلها(5).
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وتخصيصها بالذكر مع طي كون الناس منها يأكلون تنويه بشأنها وإيماء إلى كثرة منافعها لأن من ثمرتها طعاماً وإصلاحاً ومداواة ومن أعوادها وقود وغيره(6).
قال الزين العراقي: والمراد بالادهان دهن الشعر به (وقيده في رواية بدهن شعر الرأس) وعادة العرب تدهن شعورهم لئلا تشعث، لكن لا يحمل الأمر به على الإكثار منه ولا على التقصير فيه بل بحيث لا تشعث رأسه فقط (فإنه) يخرج (من شجرة مباركة) لكثرة ما فيها من القوى النافعة أو لأنها تنبت بالأرض المقدسة التي بورك فيها ويلزم من بركة هذه الشجرة بركة ما يخرج منها من الزيت(7).
وقال ابن القيم: الزيت حار رطب في الأولى, وغلط من قال: يابس والزيت بحسب زيتونه فالمعتصر من النضيج أعدله وأجوده ومن الفج فيه برودة ويبوسة ومن الزيتون الأحمر متوسط بين الزيتين ومن الأسود يسخن ويرطب باعتدال, وينفع من السموم ويطلق البطن ويخرج الدود, والعتيق منه أشد تسخيناً وتحليلاً, وما استخرج منه بالماء فهو أقل حرارة وألطف وأبلغ في النفع, وجميع أصنافه ملينة للبشرة وتبطئ الشيب، وماء الزيتون المالح يمنع من تنفط حرق النار ويشد اللثة, وورقه ينفع من الحمرة والنملة والقروح الوسخة والشرى ويمنع العرق, ومنافعه أضعاف ما ذكرنا(.
وكما يقول الدكتور نظمي خليل أبو العطا: وهي تحتوي على الأحماض الدهنية الأمينية ومنها الفنيل والإنين الذي يعطي التيروزين (وهو مشتق من الألانين) وهو من الأحماض العطرية الأساسية و(الفنيل الأنين يعطي التيروزين) وهو من الأحماض الميلاينين في الجلد وهذه الصبغة (الميلانين) هي التي تصبغ البشر حسب كميتها في الجلد؛ فإذا كانت صبغة كثيفة أعطت الجلد الأسود، وإذا خفت أعطت اللون الأصفر وإذا غابت تماماً (شذوذ ومرض) أعطت اللون الأبيض للشعر والجلد والرموش ولهذا الصبغة (الميلانين) أهمية كبيرة للإنسان فالسودان والنبوي، والأفريقي يعيشون في منطقة شديدة الحرارة ساطعة الشمس وهذا يتطلب حماية للناس، هذه الحماية تتوفر بتوفر اللون الأسود (الميلانين)، وهذا ملحوظ في الشخص القمحي اللون عندما يقف في الشمس طويلاً فإنه يسمر، لآن الاسمرار وسيلة دفاع عن الجلد ضد الشمس, وهذا سبق علمي خطير، حيث أن شجرة الزيتون تعطي الزيت والأحماض الأمينية، ومنها الأحماض المسئولة عن إعطاء اللون الأسود (الصبغ الجلدي)(9).
الزيتون عبر التاريخ:
رافقت شجرة الزيتون الإنسان منذ أن خلق، فلقد اكتشف الجيولوجيون وعلماء الآثار بقايا أشجار وحبوب زيتون، تعود إلى المرحلة التي بدأ فيها الإنسان يصقل الحجر ويبني الأكواخ ويزرع الأرض.
ويقال إن البابليون هم أول من زرع شجرة الزيتون بشكلها الحالي عن طريق التطعيم، وذكر في كافة الأديان الأخرى والحضارات القديمة, واليونانيون جعلوها رمزاً للقوة والعظمة والحكمة والنصر، فى حين جعلها المسيحيين رمزاً للدين والآلام لأن السيد المسيح تألم على جبل الزيتون, وأخيراً جعلت رمزاً للصحة والطعام اللذيذ، ولقد تضاعفت الدراسات على منافع زيت الزيتون منذ عدة عقود لأن الطلب والبحث عنه ازداد والدول المنتجة له (إيطاليا، فرنسا، أسبانيا، اليونان) تبذل جهوداً لكي يكون هذا الزيت أشهى وألذ وأصفى، وكذلك بسبب أنه يقدم الغذاء الشافي.
ويبلغ عدد أنواع أشجار الزيتون حوالى مئة وخمسين نوعاً، ويتراوح ارتفاعها بين خمسة أمتار واثني عشر متراً، وهي تحتاج إلى مناخ معتدل فى فصل الشتاء وجاف فى الصيف، وإلى كمية كبيرة من الأمطار في فصلي الخريف والربيع، وهي ظروف مناخية لا تتوفر إلا فى محيط البحر المتوسط، وتتمتع شجرة الزيتون بأوراق دائمة الخضرة، تتجدد كل ثلاث سنوات وهي تنمو ببطء وكأنها تستخلص فوائد الأرض على مهل وبتركيز(10).
الزيتون والعلم الحديث:
لأول مرة في التاريخ اجتمع ستة عشر من أشهر علماء الطب في العالم في مدينة روما في الحادي والعشرين من شهر أبريل عام 1997م ليصدروا توصياتهم وقراراتهم الموحدة حول موضوع "زيت الزيتون وغذاء حوض البحر المتوسط", وأصدر هؤلاء العلماء توصياتهم في بيان شمل أكثر من ثلاثين صفحة استعرضوا فيها أحدث الأبحاث العلمية في مجال زيت الزيتون وغذاء حوض البحر المتوسط, وأكدوا في بيانهم أن تناول زيت الزيتون يسهم في الوقاية من مرض شرايين القلب التاجية وارتفاع كولسترول الدم، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكر، والبدانة، كما أنه يقي من بعض السرطانات فحتى عام 1986م لم يأبه أحد من الباحثين الأمريكيين والأوروبيين بزيت الزيتون، وما أن طلع علينا الدكتور غرندي في دراسته التي ظهرت عام 1985م، والتي أثبت فيها أن زيت الزيتون يخفض كولسترول الدم حتى توالت الدراسات والأبحاث وركزت اهتمامها حول فوائد زيت الزيتون، وتستكشف يوماً بعد يوم المزيد من أسرار هذا الزيت المبارك(11)، كما دهش الباحثون حديثاً حينما اكتشفوا أن سكان جزيرة كريت في البحر المتوسط هم أقل الناس إصابة بأمراض القلب والسرطان في العالم أجمع, ودهشوا أكثر حينما عرفوا أن أهالي جزيرة كريت يستهلكون زيت الزيتون أكثر من أي شعب آخر ، فحوالي 33 % من السعرات الحرارية التي يتناولونها يومياً تأتي من زيت الزيتون.
يقول الدكتور"ويليام كاستللي" مدير دراسة فارمنجهام الشهيرة: "إن هناك زيتاً واحداً يتمتع بأطول سجل من سلامة الاستعمال في التاريخ هو زيت الزيتون, فلقد تناول زيت الزيتون أجيال وأجيال، وامتاز هؤلاء بصحة الأبدان وندرة جلطة القلب عندهم, وهذا السجل الحافل بمآثر زيت الزيتون يجعلنا نطمئن لاستعماله، ونقبل عليه بشغف كبير".
ويقول الدكتور" أهرنس"من جامعة كوفلر بنيويورك: "إننا ندرك تماماً أن استعمال سكان حوض البحر المتوسط لزيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون في الغذاء هو السبب وراء ندرة مرض شرايين القلب التاجية عندهم"(12).
ورد في كتاب (8 أسابيع للوصول إلى الصحة العامة)(133): يحتوي الزيتون على الأحماض الدهنية غير المشبعة، وحيدة الرابطة المزدوجة، وهو ما يميزه عن بقية الزيوت وأنه يجب استبدال كل أنواع الدهون التي يتناولها الإنسان، وخاصة بعد سن الأربعين بزيت طازج، حيث ثبت ومن خلال التجارب المستفيضة أنه سبب في علاج كثير من الأمراض بإذن الله ومن هذه الأمراض ما يلي:
زيت الزيتون والإرضاع:
ذلك المولود المخلوق الجديد الذي خرج لتوه إلى هذه الحياة، فإنه يتغذى في بطن أمه وبعد خروجه بما تغذت به أمه فإن هي أحسنت اختيار غذائها منحته مما اختارت الخير الكثير، وأنشأته على الغذاء السليم, ففي دراسة حديثة نشرت في شهر فبراير 1996 من جامعة برشلونة الإسبانية، وأجريت على 40 مرضعاً، أخذت منهن عينات من حليب الثدي، وجد الباحثون أن معظم الدهون الموجودة في حليب الثدي كانت من نوع (الدهون اللامشبعة الوحيدة) Monounsaturated Fats ويعتبر هذا النوع من الدهون بحق من أفضل الدهون التي ينبغي أن يتناولها الإنسان, وهو النوع الذي يشتهر به زيت الزيتون, ويعزو الباحثون سبب تلك الظاهرة إلى كثرة تناول النساء في إسبانيا لزيت الزيتون(14).
أمراض الكبد:
زيت الزيتون الأسود الصافي نجده مسجلاً فى دستور الأدوية فى فرنسا، فهو دواء معترف به رسمياً(15), يذيب الدهون ويساعد في تقوية الكبد، وعلاج الكبد الدهني، وبذلك يزيد من النشاط ومن ناحية أخرى فقد ذكر الكتاب أن الدواء المعروف في الأسواق باسم Essential Fort يحتوي على نسبة عاليةٍ من زيت الزيتون، وهو الذي يوصف أساسياً لمرضى الكبد، كما أنه يحسن من وظائف الكبد، وخاصة أنه مضاد للسموم، ومن هنا فهو يزيد من قدرة الكبد على القيام بإزالة السمية Detoxication(16).
سرطان الأمعاء:
وفي بحث علمي(177) توصل إلى أن استخدام زيت الزيتون في طهي الطعام قد يمنع سرطان الأمعاء. ويقول الفريق الطبي الذي أجرى التجربة إن النتائج أظهرت أن لزيت الزيتون فوائد وقائية، الأمر الذي يفسر سبب كون الغذاء المتوسطي غذاء صحياً.
ويقول رئيس الفريق البروفسور ميجيل جاسول: إن هذه الدراسة تقدم دليلاً على أن غذاءاً يحتوي على خمسة بالمائة من زيت الزيتون يقي من الإصابة بالسرطان مقارنة بزيت زهرة العصفر، وتوصل علماء بريطانيون إلى أدلة جديدة تثبت المنافع الوقائية لزيت الزيتون في علاج سرطان الأمعاء الذي يذهب ضحيته حوالي 20 ألف شخص سنوياً في بريطانيا وحدها .
ووجد باحثون وأطباء في جامعة أوكسفورد الإنجليزية أن زيت الزيتون يتفاعل في المعدة مع حامض معوي ويمنع الإصابة بمرض سرطان الأمعاء والمستقيم والجدير بالإشارة أن سرطان الأمعاء هو من أكثر أمراض السرطان شيوعاً في بريطانيا بعد سرطان الرئة، لكن معالجته ممكنة إذا أكتشف في وقت مبكر.
وبحثت الدراسة في نسبة الإصابة بمرض سرطان الأمعاء في ثمانية وعشرين بلداً في العالم، يقع معظمها في أوربا، إضافة إلى الولايات المتحدة والبرازيل وكولومبيا وكندا والصين, ووجد الباحثون أن عوامل غذائية تلعب دوراً هاماً في إصابة الشخص، وأن الأشخاص الذين يأكلون كميات كبيرة من اللحم والسمك أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الأشخاص الذين يأكلون الخضروات والحبوب, ووجد العلماء أيضاً أن خطر الإصابة بمرض سرطان الأمعاء تقل مع تناول وجبات غذائية غنية بزيت الزيتون, ويعزو العلماء ذلك إلى أن الوجبات الغذائية التي تحتوي على كميات كبيرة من اللحم يمكنها أن تزيد من إفراز حامض الصفراء أو حامض ديأوكسيسيكليك، الذي بدوره يقلل من فعالية أنزيم خاص يعتقد بأنه يلعب دوراً هاماً في تجدد خلايا الأنسجة المبطنة للأمعاء, ويعتقد العلماء أن انخفاض الأنزيم الخاص، الذي يسمى ديامين أوكسيداس، قد يكون سبب تزايد الخلايا السرطانية في الأمعاء, وهنا وجد العلماء الدور المهم الذي يقوم به زيت الزيتون في خفض المادة الحامضية الضارة الناتجة عن تناول كميات كبيرة من اللحم وزيادة إفراز الأنزيم الذي يقي من تكاثر الخلايا الغير عادية والسرطانية .
وقال أحد الباحثين إن الدراسة الجديدة تؤكد أن البلدان التي تستهلك فيها كميات كبيرة من زيت الزيتون لديها حالات سرطان أمعاء ومستقيم أقل نسبياً عما كان يعتقد، أخذين بنظر الاعتبار جوانب أخرى من العادات الغذائية لتلك البلدان. وقالت متحدثة باسم مؤسسة التغذية البريطانية إنه في السابق كانت فوائد زيت الزيتون تقتصر على أمراض القلب، ولكن منذ شيوع فوائده في محاربة الأمراض الأخرى أزداد وعي الناس بأهميته وأزداد استخدامه في الطعام(18).
سرطان الجلد:
اكتشف علماء يابانيون أن تعريض الجلد لزيت الزيتون ذي النوعية الجيدة بعد التعرض للشمس يقلص من احتمالات الإصابة بسرطان الجلد، وكشف الباحثون عن أن زيت الزيتون ذا الدرجة العالية يساعد على إبطاء ظهور آثار السرطان على الجلد ويقلل من حجم الأورام السرطانية إذا ما نُشر على الجلد, وقد وضع الباحثون، بقيادة الدكتور ماسماميتسو إتشيهاشي من كلية الطب في جامعة كوبي، الفئران تحت ضوء الشمس ثلاث مرات في الأسبوع, وبعد خمس دقائق من تعريضها لأشعة الشمس، قاموا بدهن مجموعة من الفئران بزيت الزيتون العادي وأخرى بزيت الزيتون الجديد ذي الدرجة العالية، وثالثة لم تُعرض إلى نوع من زيت الزيتون, وبعد ثمانية عشر أسبوعاً بدأت أورام سرطانية بالظهور على مجموعة الفئران التي لم تعرض إلى زيت الزيتون، أما الفئران التي عُرضت لزيت الزيتون العادي فكانت أفضل حالاً قليلاً, غير أن مجموعة الفئران التي عُرضت لزيت الزيتون الجديد ذي الدرجة العالية لم تظهر عليها أي آثار لسرطان الجلد إلا بعد أربعة وعشرين أسبوعاً, كذلك فإن الأورام التي ظهرت على فئة الفئران الأخيرة كانت أصغر وأقل كثافة، بل أنها ألحقت ضرراً أقل بتركيبة مادة "دي أن أي" في الجلد(19).
ويعتبر زيت الزيتون غنياً بالمواد المانعة للتأكسد التي يُعتقد أنها تمتص التأثيرات الضارة للإشعاعات فوق البنفسجية، لكنه لا يمنع الأشعة فوق البنفسجية من اختراق الجلد.
سرطان الثدي:
أثبتت دراسه أجريت فى اليابان أن النساء اللاتي يتناولن زيت الزيتون أكثر من مره باليوم يقللن من خطر إصابتهن بسرطان الثدى بنسبة 25% بالمقارنة مع النساء اللاتي لا يتناولنه بانتظام وفى هذا الصدد يقول الدكتور ديميتريوس استاذ الصحة العامة بكلية هارفارد-والذي أسهم بإجراء الدراسة-: أن الدراسات قد أشارت إلى أن تناول زيت الزيتون لا يساعد على تفاقم الإصابة بأورام الثدي الذي تنشطها الكيماويات مثلما تفعل بعض الأنواع الأخرى من الدهون، ولسنوات طويلة ينظر العلماء إلى زيت الزيتون على أنه يقي من سرطان الثدي، وذلك من ملاحظة صحة سكان البحر الأبيض المتوسط، إلا أنهم لم يعرفوا كيفية حدوث ذلك الآن، وأجرى الباحثون تجربة مختبرية (أي في أنبوب اختبار) في المعمل لمعرفة تأثير حامض زيت الزيتون oleic acid - وهو المُكون الرئيسي في زيت الزيتون – المثبط لنشاط أحد أهم الجينات المسببة لسرطان الثدي وهي جين HER2. حيث تتشكل هذه الكلمة من أوائل كلمات human epidermal growth factor receptor 2، وتعني مُسْتقبِل عامل النمو البشري، وهو بروتين مغروس في سطح الخلية كالهوائي يستقبل "عامل النمو growth factor" لتكاثر ونمو الخلية الطبيعي، يصَنع هذا البروتين جينٌ موجودٌ في نواة الخلية، وهناك نسختان من جين HER2في كل خلية سليمة من خلايا الثدي، لضبط نمو الخلايا من ناحية الانقسام والتصحيح الذاتي، وعندما يحدث اضطراب في إحدى خلايا الثدي، ويتكون نسخ عديدة من جين HER2، تتشكل أعداد كبيرة من مستقبلات عامل النمو البشري على سطح خلايا الثدي السرطانية، وبذلك يزداد نمو وانقسام الخلايا في الثدي بسرعة، ويؤدي إلى تشكيل الورم السرطاني.. -وهذا النوع هو أشرس أنواع سرطان الثدي؛ لأن سرطان الثدي ليس نوعاً واحداً، بل هو أنواع مختلفة- حدث أن أدت إضافة حامض زيت الزيتون إلى تخفيض مستوى الجين السرطاني بنسبة 46%، ولكن من ناحية ثانية، يبدو أن حامض زيت الزيتون يقوي فاعلية عقار (Trastuzumab) هيرسيبتين Herceptin الذي يخفض الورم السرطاني، يقول الباحث الأسباني: أنا أسباني، وأتناول كثيراً من زيت الزيتون، وأنا سعيد بهذه النتائج(20).
أمراض القلب:
لبعض أنواع الدهون أهمية كبيرة للجسم ولها العديد من المنافع, إنها مجموعة الدهون التي تعرف بالأحماض الدهنية الأساسية Essential Fatty Acids (EFAs) وعلى العكس تماماً من الدهون الحيوانية ودهون منتجات الحليب فإن الأحماض الدهنية الأساسية قد تكون ضرورية لتقليل مخاطر بعض الحالات المرضية مثل الإصابة بأمراض القلب والجلطة .
ويحتل زيت الزيتون مرتبة مهمة ضمن هذه المجموعة من الدهون فشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط تستخدم الكثير منه وهذا قد يكون السبب في كثير من الأحيان في أن شعوب هذه البلدان مثل سكان جنوب إيطاليا واليونان لا تعاني من زيادة ملحوظة في أمراض القلب وتصلب الشرايين. كما بين التقرير الذي نشر مؤخراً في المجلة الطبية البريطانية- لا نسيت- أن الكثير من الزيوت النباتية لها نفس التأثير إن لم يكن أفضل من زيت الزيتون وعلى المدى البعيد مثل زيت اللفت rapeseed. فهل إن زيت الزيتون في واقع الأمر له ما له من مواصفات فريدة في الحد من الإصابة ببعض الأمراض أم أن العملية لا تعدو أن تكون ما حضي به زيت الزيتون من إعلام كبير في الآونة الأخيرة؟ في دراسة حالة مجموعة من الأشخاص الذين بدلوا غذائهم المعتاد إلى نمط الغذاء الذي يتبعه سكان حوض البحر المتوسط وتبين أن السبب في أن مثل هؤلاء الأشخاص قد تقلصت عندهم فرصة الإصابة بنوبة قلبية ثانية ليس بسبب زيت الزيتون بل بسبب زيت المارجارين الموجود في زيت اللفت rapeseed. ومهما كان من أمر، تبقى الحقيقة الماثلة للعيان أن سكان حوض البحر المتوسط أقل فرصة للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين من غيرهم وأن زيت الزيتون هو الزيت الأكثر استخداماً ضمن الغذاء اليومي لهؤلاء من زيت اللفت(21).
منع تجلط الدم:
أكد باحثون من اسبانيا وجود فوائد عديدة لزيت الزيتون، وقالت الدراسة بأن عناصر تعرف باسم مركبات الفينول توجد في زيت الزيتون وأطعمة أخرى ربما تكون مسؤولة عن فوائد متعددة للجسم لأنها تحتوى مواد مضادة للأكسدة وللالتهابات وتعمل على منع تجلط الدم.
وأظهرت التجارب المعملية التي أجراها فرانسيسكو بيريس جيمينيز من مستشفى يونيفريستاريو ريينا صوفيا في قرطبة وزملاؤه أن هذا المركب المعروف يمكن أن يحسن أداء الأوعية الدموية القلبية ويوفر حماية للقلب .وقارن جيمينيز وفريقه بين تأثير تناول زيت زيتون غني بالفينول وبين زيت زيتون منزوع منه معظم مركبات الفينول على مجموعة من 21 متطوعاً يعانون من ارتفاع في مستوى الكوليسترول في الدم .وقام الباحثون بقياس قدرة الأوعية الدموية للمشاركين في الدراسة على الاستجابة للتغيرات السريعة في تدفق الدم بعد تناول وجبة غنية بالدهون تحتوى على زيت زيتون غني بالفينول أو النوع الآخر المنزوع منه معظم مركبات الفينول .وخلص الباحثون إلى أن استجابة الأوعية الدموية وأداءها لوظائفها تحسن خلال الساعات الأربع الأولى بعد تناول وجبة تحتوي على زيت زيتون غني بمركبات الفينول. لكن لم يكن هناك فرق في أداء الأوعية الدموية لوظائفها قبل وبعد تناول المتطوعين لوجبة تحتوي على زيت زيتون منزوع منه معظم مركبات الفينول(22).
أمراض أخرى:
أجرى الدكتور"ويليامز"-من جامعة ستانفورد الأمريكية- دراسة على 76 شخصاً غير مصاب بأية أمراض قلبية لمعرفة تأثير زيت الزيتون على ضغط الدم فوجد الباحثون أن ضغط الدم قد انخفض بشكل واضح عند الذين تناولوا زيت الزيتون في غذائهم اليومي, وكان انخفاض ضغط الدم أشد وضوحاً عند الذين تناولوا 40 جراماً من زيت الزيتون يومياً (23).
كما أن مرض السكر يكون بسبب نقص أو غياب في إفراز الأنسولين من البنكرياس، مما يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم وقد أوصى الاتحاد الأمريكي لمرضى السكر، المصابين بمرض السكر بتناول حمية تعطى فيه الدهون بنسبة 30 % من الحريرات على ألا تتجاوز نسبة الدهون المشبعة ( كالدهون الحيوانية ) عن 10 % , وأن تكون باقي الدهون على شكل زيت زيتون وزيت ذرة، أو زيت دوار الشمس (24), ويقي القلب من أمراض الشرايين والكوليسترول الضار, ويحمي من ارتفاع ضغط الدم, ويسهل من عملية الهضم. ويخفض نسبة الإصابة بسرطان الثدي ويقي من ارتفاع السكر فى الدم (لمرضى السكر) ويحمى من ضعف الذاكرة ومفيد للبشرة ويدخل فى كثير من المراهم وكريمات العناية بالبشرة والشعر ويستخدم ككمادات وعلى الريق وللتدليك للآلام والأرق النفسي والاجهاد, ويستخدم للمحافظة على الجلد والمعادن وإطالة عمر الأزهار المقطوفة (25).
فوائد أخرى لزيت الزيتون:
ذكرت دائرة المعارف الصيدلانية الشهيرة " مارتندل " أن زيت الزيتون مادة ذات فعل ملين لطيف ، ويعمل كمضاد للإمساك, كما أن زيت الزيتون يلطف السطوح الملتهبة في الجلد، ويستعمل في تطرية القشور الجلدية الناجمة عن الأكزيما وداء الصدف(26)، وإذا شرب بالماء الحار سكن المغص، ويعالج القولون، ويطرد الديدان، ويفتت الحصى ويصلح الكلى، والاحتقان به يسكن المفاصل، ويعالج أوجاع الظهر، ويمنع الشيب ويصلح الشعر ويمنع سقوطه، ويقطع العفن ويشد الأعضاء، والاكتحال به يقلع البياض ويحد البصر، وينفع من الجرب السلاق(27).
حفظ زيت الزيتون ؟
يؤثر الهواء والرطوبة وأشعة الشمس سلباً في زيت الزيتون عند تخزينه، لذا فالأواني المنزلية لا تصلح، إلا إذا كانت معتمة لمنع تعرض الزيت للضوء، يجب ضبط درجة حرارة الزيتون المخزن ما بين 10 - 15 درجة مئوية، لأنه بارتفاع درجة الحرارة تتعرض الزيوت والدهون للأكسدة الذاتية ، وهو ما يزيد من حموضتها، ويفسد تركيبها، فتتحول إلى مواد سامة، تؤثر سلباً على الكبد والكلى والأوعية الدموية، كما إن زيت الزيتون من الزيوت التي ترتفع فيها درجة حرارة عم التشبع لذلك يسبب تعرضها للأكسدة في وقت قصير جداً .. ناهيك عن الانحلال السريع والتحلل المائي أثناء استخدامه في الغلي، ولذلك فزيت الزيتون غير صالح للغلي، ولو استخدم مرة أو مرتين فإن خواصه الغذائية تضعف لأن تكرار الغلي قد تسلبه صفاته المميزة(28).
وجه الإعجاز:
زيت الزيتون هبة الله تعالى للإنسان. عرف القدماء بعضاً من فوائده، وأدرك الطب الحديث- منذ سنوات معدودات- بعضاً آخر منها, والحقيقة أن الأمريكان يغبطون سكان حوض البحر الأبيض المتوسط على غذائهم، فهم يعرفون أن مرض شرايين القلب التاجية أقل حدوثاً في إيطاليا وأسبانيا وما جاورهما مما هو عليه في شمال أوروبا والولايات المتحدة, ويعزو الباحثون ذلك إلى كثرة استهلاك زيت الزيتون عند سكان حوض البحر المتوسط، واعتمادهم عليه كمصدر أساسي للدهون في طعامهم بدلاً من السمنة (المرجرين) والزبدة وأشباهها.
يقول كتاب Heart Owner Handbook الذي أصدره معهد تكساس لأمراض القلب حديثاً: إن المجتمعات التي تستخدم الدهون اللامشبعة الوحيدة (وأشهرها زيت الزيتون) في غذائها كمصدر أساسي للدهون تتميز بقلة حدوث مرض شرايين القلب التاجية، فزيت الزيتون عند سكان اليونان وإيطاليا وإسبانيا يشكل المصدر الأساسي للدهون في غذائهم، وهم يتميزون بأنهم الأقل تعرضاً لمرض شرايين القلب وسرطان الثدي في العالم أجمع, وليس هذا فحسب، بل إن الأمريكيين الذين يحذون حذو هؤلاء يقل عندهم حدوث مرض شرايين القلب(29).
ما تقدم خلاصة الخلاصة لأبحاث حديثة ودقيقة كلها تؤكد أهمية هذا النبات وفوائده، بعد أن كان ينتج بكميات قليلة ولا يؤبه له ولكن نتائج هذه الأبحاث كانت كالدعاية له فصار الطلب عليه كثيراً وارتفعت أسعاره كثيراً، وقد أمرنا نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بتناوله والإدهان به قبل أربعة عشر قرناً من الزمان رحمة بأمته وبالمؤمنين لئلا تصيبهم الأمراض التي ربما تعوقهم عن طاعة ربهم، وحثنا عليه بقوله: « كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة »(30) يأمرنا بتناوله وهو غير شاك ولا يخاف أن تظهر بعد أيام أو أشهر أمراض أو عاهات جراء تناوله، ولا شك أن الذي يأمرك بأمر هو غير متيقن منه فأنه يضع لنفسه نوعاً من الإحترازات والتحوطات بأن يحيل الخبر إلى قائله أو يخبرك بأن هذا العلاج في طور التجربة كما تفعل كثير من مراكز الأبحاث اليوم، فالسؤال إذن من الذي أخبر نبينا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بهذه النتائج المبهرة لزيت الزيتون في زمن لم تكن فيه أي من وسائل البحوث والتقنية المتوفرة اليوم، لا في بلاد الحجاز ولا في أي مكان من العالم؟ لا شك أننا لو تأملنا قليلاً ودققنا في الأمر سنصل إلى نتيجة واحدة هي أن الذي أخبره هو خالق السموات والأرض الذي وعده ووعدنا في كلامه المنزل من عنده بأنه سيجعل لكل زمن آية تدل عليه وعلى أنه واحد لا شريك له في ملكه ولا في علمه، وليكون هذا المبلّغ عنه رجل أمي لا يحسن القراءة ولا الكتابة؛ ليكون أدعى إلى الناس أن يؤمنوا به ويصدقوه، قال تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد﴾[سبأ: 6] وقال تعالى: ﴿وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [الحجر: 64]. سبحان الله والحمد لله
[img][/img]
الجمعة يونيو 18, 2021 1:56 am من طرف صطوف أبو محمد
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 11:32 pm من طرف أبو الخير
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 11:24 pm من طرف أبو الخير
» عالم الرجل يختلف عن عالم المرأة اختلافا كليا ........ كيف ولماذا
الجمعة يونيو 04, 2021 11:06 pm من طرف أبو الخير
» دور المرأة في بناء الاسرة الفاضلة
الجمعة يونيو 04, 2021 11:03 pm من طرف أبو الخير
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 9:40 pm من طرف صطوف أبو محمد
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 5:13 am من طرف صطوف أبو محمد
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 5:04 am من طرف صطوف أبو محمد
» مركز صطوف للطباعة والاعلان
الجمعة يونيو 04, 2021 4:04 am من طرف صطوف أبو محمد